|
منتخب غانا أعطى درسا للعالم في الإرادة والعزيمة |
عندما شهدت الدقيقة 37 من الشوط الأول من مباراة البرازيل وغانا في نهائي كأس العالم للشباب لكرة القدم طرد اللاعب الغاني دافييل أتو، توقع كل من يتابع المباراة أن تنتهي بفوز سهل "لملوك السامبا" في ضوء تفوقهم العددي.. لكن لاعبي منتخب "النجوم السوداء" قلبوا كل التوقعات رأسا على عقب وتمكنوا بعد ماراثون مثير من انتزاع الفوز ليصبحوا أول منتخب في تاريخ القارة الإفريقية يفوز بهذه البطولة. وأجمعت تعليقات وسائل الإعلام العربية والأجنبية على أن منتخب غانا أعطى "درسا للعالم" أجمع يثبت عمليا أن التسلح بالإرادة والعزيمة والتفاني في بذل الجهد والكفاح كفيل بالتغلب على كل المعوقات وتحقيق إنجاز شبه مستحيل لاسيما أنه جاء على حساب أقوى قوة كروية في العالم.
واتفقت تحليلات النقاد الرياضيين على أن قرار الحكم البلجيكي بإشهار البطاقة الحمراء لدافييل أتو على خلفية عرقلته لأحد لاعبي البرازيل كان "ظالما" –كما وصفه الخبيران الكرويان المصريان علي أبو جريشة وفاروق جعفر- وأنه كان يستحق فقط الإنذار (البطاقة الصفراء).
درس ثان!
وفي ما يمكن وصفه بـ"درس" تربوي آخر، لم يشتت لاعبو غانا تركيزهم في الاعتراض والاحتجاج على قرار الحكم بل امتثلوا له تماما وبدوا مع استئناف اللعب أكثر تصميما وإصرارا على الصمود أمام فريق يجمع الكثير من المواهب الكروية، وكان لافتا أن أكثر من فرصة خطيرة لاحت لممثلي القارة السمراء بعد واقعة الطرد والنقص العددي في صفوفهم فيما هبط أداء البرازيل لينتهي الشوط الأول بالتعادل بدون أهداف.
وفي الشوط الثاني، وبعد أجرى الجهاز الفني لمنتخب البرازيل تغييرا هجوميا، كثف منتخب "السامبا" من هجماته ومرة أخرى توقع الجميع أن يسقط منتخب غانا فريسة سهلة للبرازيليين لكنهم استبسلوا في الذود عن مرماهم وأظهروا روحا قتالية عالية لتتحطم كل المحاولات البرازيلية على صخرة الصمود الغاني.
وتألق بشكل واضح الحارس الغاني "دانييل" في إنقاذ مرماه من عدة فرص محققة لينتهي الشوط الثاني بالتعادل السلبي أيضا؛ ومع الوقت الإضافي الأول والثاني، توقع بعض المحللين الكرويين التليفزيونيين أن يسقط منتخب غانا نتيجة للإجهاد البدني بالنظر للجهد الكبير الذي بذله لاعبوه لتعويض النقص العددي في صفوفهم، لكن أبناء إفريقيا خالفوا التوقعات مرة أخرى واستمروا على صمودهم الرائع ليحتكم الفريقان في النهاية للركلات الترجيحية من نقطة الجزاء.
وعاد الحارس "دانييل" للتألق مرة أخرى لينجح في صد أكثر من ركلة من لاعبي البرازيل "المرتبكين" فيما أظهر لاعبو منتخب غانا عند تقدمهم للتسديد ثباتا انفعاليا وتركيزا كبيرا ليحسموا النتيجة لصالحهم 4/3 ويقدموا للعالم "درسا.. كيف تكون بطلا للعالم بعشرة لاعبين" فقط، كما عنونت صحيفة "الأهرام" القاهرية.
حان الوقت يا إفريقيا!
وفي غمرة مشاعر الفرح العارمة، قال سيلاس تيتيه المدير الفني لمنتخب غانا إن فوز فريقه بكأس العالم للشباب "يفتح آفاقا مختلفة للكرة الإفريقية ويكتب تاريخا جديدا في عالم كرة القدم"، باعتباره أول إنجاز من نوعه تحققه دولة إفريقية.
وأضاف تيتيه في المؤتمر الصحفي الذي أعقب المباراة: "أعتقد أن هذا الانتصار يعني أن الوقت حان لقارة إفريقيا أن تؤمن بقدراتها.. وتحلم في يوم من الأيام أن تفوز بكأس العالم للكبار"، بحسب ما نقل عنه موقع "في الجول" الرياضي.
وأشار تيتيه إلى فخره بجميع لاعبيه منذ بداية البطولة وحتى المباراة النهائية، مؤكدا أنهم "تمتعوا بالقوة والمهارة والرغبة في الانتصار" والتصميم عليه فتحقق لهم ما أرادوا.
وجرت المباراة على معلب إستاد القاهرة أمام 80 ألف متفرج معظمهم من المصريين الذين شجعوا منتخب غانا بحرارة، ووجد كثير منهم في الإنجاز "الملحمي" لمنتخب "النجوم السوداء" تعويضا لهم عن الخروج المبكر لفريق بلادهم من البطولة نفسها التي استضافتها مصر، وهو الخروج الذي أثار انتقادات حادة للاعبين المصريين في وسائل الإعلام واتهامات بالتقصير وافتقاد الروح القتالية.